نقاش:تاريخ التصوف

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

ضيلة الشيخ الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل ( وكيل كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ) 
الفئات الرئيسية للموضوع 
العقيدة والمذاهب المعاصرة  

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد. هذه نبذة في أصول أهل السنة والجماعة في العقيدة تم إعدادها ونشرها استجابة لكثيرين من القراء (طلاب العلم منهم والعامة) في ضرورة عرض أصول عقيدة السلف وقواعدها، بعبارة موجزة وأسلوب واضح، مع التزام الألفاظ الشرعية المأثورة عن الأئمة قدر الإمكان. لذلك خلا البحث من التفصيلات والتعاريف والأدلة التفصيلية والأسماء والنقول والهوامش، التي قد تكون ضرورية أحياناً، فإن الرغبة في تحقيق هذه المطلب في كتيب خفيف المحمل والمؤنة حالت دون ذلك، ولعل هذا البحث يكون نواة لمؤلف متخصص يستوفي ما نقص، ويلبي رغبة المستزيد إن شاء الله. هذا، وقد تم عرضه على كل من: فضيلة الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر البراك. وفضيلة الشيخ: عبد الله بن محمد الغنيمان.والدكتور حمزة بن حسين الفعر. والدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي. كما زودني لاحقاً فضيلة شيخنا د.صالح بن فوزان الفوزان أثابه الله ببعض الاستدراكات. وكل منهم أسهم مشكوراً بما أبداه من إضافات وملحوظات جزاهم الله خيراً. وأسال الله تعالى أن يجعل عملنا خالصا لوجهه لكريم، وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. تمهيد العقيدة لغة: من العقد، والتوثيق، والإحكام، والربط بقوة. واصطلاحاً: الإيمان الجازم الذي لا يتطرق إليه شكّ لدى معتقده. فالعقيدة الإسلامية تعني: الإيمان الجازم بالله تعالى، وما يجب له من التوحيد -ومنه توحيد الأسماء والصفات وتوحيد العبادة والطاعة- وبملائكته؛ وكتبه؛ ورسله؛ واليوم الآخر؛ والقدر؛ وسائر ما ثبت من أمور الغيب، والأخبار، والأصول، علمية كانت أو عملية. السلف: هم صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، وأئمة الهدى في القرون الثلاثة المفضلة، ويُطلق على كل من اقتدى بهؤلاء وسار على نهجهم في سائر العصور: سلفي، نسبة إليهم. أهل السنة والجماعة: هم من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه. وسموا أهل السنة: لاستمساكهم واتباعهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وسموا الجماعة: لأنهم الذين اجتمعوا على الحق؛ ولم يتفرقوا في الدين، واجتمعوا على أئمة الحق، ولم يخرجوا عليهم، واتبعوا ما أجمع عليه سلف الأمة. ولما كانوا هم المتبعين لسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المقتفين للأثر؛ سموا (أهل الحديث). و(أهل الأثر). و(أهل الاتباع) ويُسمّون(الطائفة المنصورة). و(الفرقة الناجية( أولاً: قواعد وأصول في منهج التلقي والاستدلال:- 1- مصدر العقيدة هو كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة، وإجماع السلف الصالح. 2- كل ما صحّ من سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وجب قبوله والعمل به، وإن كان آحاداً في العقائد وغيرها. 3- المرجع في فهم الكتاب والسنة، هو النصوص المبينة لها، وفهم السلف الصالح، ومن سار على منهجهم من الأئمة، ولا يعُارض ما ثبت من ذلك بمجرد احتمالات لغوية. 4- أصول الدين كلها، قد بينها النبي، صلى الله عليه وسلم، وليس لأحد أن يحدث شيئاً زاعماً أنه من الدين. 5- التسليم لله، ولرسوله، صلى الله عليه وسلم، ظاهراً، وباطناً، فلا يعارض شيء من الكتاب، أو السنة الصحيحة بقياس، ولا ذوق، ولا كشف ولا قول شيخ ولا إمام، ونحو ذلك. 6- العقل الصريح موافق للنقل الصحيح، ولا يتعارض قطعيّان منهما أبدا، وعند توهّم التعارض يقدم النقل. 7- يجب الالتزام بالألفاظ الشرعية في العقيدة، وتجنب الألفاظ البدعية التي أحدثها الناس. والألفاظ المجملة المحتملة للخطأ والصواب يستسفر عن معناها، فما كان حقاً أثبت بلفظه الشرعي، وما كان باطلاً ردّ. 8- العصمة ثابتة للرسول، صلى الله عليه وسلم، والأمة في مجموعها معصومة من الاجتماع على ضلالة، وأما آحادها فلا عصمة لأحد منهم، وما اختلف فيه الأئمة وغيرهم فمرجعه إلى الكتاب والسنة فما قام عليه الدليل قبل، مع الاعتذار للمخطئ من مجتهدي الأمة. 9- في الأمة محدَّثون ملهمون كعمر بن الخطاب، والرّؤيا الصالحة حقّ، وهي جزء من النبوة، والفراسة الصادقة حق، وفيها كرامات ومبشرات بشرط موافقتها للشرع، وليست مصدراً للعقيدة ولا التشريع. 10- المراء في الدين مذموم، والمجادلة بالحسنى مشروع، وما صح النهي عن الخوض فيه وجب امتثال ذلك، و يجب الإمساك عن الخوض فيما لا علم للمسلم به وتفويض علم ذلك إلى عالمه سبحانه. 11- يجب الالتزام بمنهج الوحي في الردّ، كما يجب في الاعتقاد والتقرير فلا ترد البدعة ببدعة، ولا يقابل التفريط بالغلو ولا العكس. 12- كل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ثانياً: التوحيد العلمي الاعتقادي 1- الأصل في أسماء الله وصفاته: إثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله، صلى الله عليه وسلم، من غير تمثيل، ولا تكييف، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله، صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، كما قال تعالى "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" مع الإيمان بمعاني ألفاظ النصوص، وما دلت عليه. 2- التمثيل والتعطيل في أسماء الله، وصفاته كفر، أما التحريف، الذي يسميه أهل البدع تأويلاً، فمنه ما هو كفر؛ كتأويلات الباطنية، ومنه ما هو بدعة ضلالة، كتأويلات نفاة الصفات، ومنه ما يقطع خطأ. 3- وحدة الوجود أو اعتقاد حلول الله تعالى في شيء من مخلوقاته، أو اتحاده به، كل ذلك كفر مخرج من الملة. 4- الإيمان بالملائكة الكرام إجمالاً، وأما تفصيلاً، فبما صحّ به الدليل، من أسمائهم وصفاتهم، وأعمالهم بحسب علم المكلف. 5- الإيمان بالكتب المنزلة جميعها، وأن القرآن الكريم أفضلها، وناسخها، وأن ما قبله طرأ عليه التحريف وأنه لذلك يجب اتباعه دون ما سبقه. 6- الإيمان بأنبياء الله، ورسله، صلوات الله وسلامه عليهم وأنهم أفضل ممن سواهم من البشر، ومن زعم غير ذلك فقد كفر. وما صح فيه الدليل بعينه منهم، وجب الإيمان به معينا، ويجب الإيمان بسائرهم إجمالاً، وأن محمداً، صلى الله عليه وسلم، أفضلهم وآخرهم وأن الله أرسله للناس جميعاً. 7- الإيمان بانقطاع الوحي بعد محمد، صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، ومن اعتقد خلاف ذلك كفر. 8- الإيمان باليوم الآخر، وكل ما صحّ فيه من الأخبار، وبما يتقدمه من العلامات والأشراط. 9- الإيمان بالقدر، خيره وشره، من الله تعالى، وذلك: بالإيمان بأن الله تعالى علم ما يكون قبل أن يكون وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون إلا ما يشاء الله، والله تعالى على كل شيء قدير، وهو خالق كل شيء، فعال لما يريد. 10- الإيمان بما صحّ الدليل عليه من الغيبيات، كالعرش والكرسي، والجنة والنار، ونعيم القبر وعذابه، والصراط والميزان، وغيرها دون تأويل شيء من ذلك. 11- الإيمان بشفاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، وشفاعة الأنبياء والملائكة، والصالحين، وغيرهم يوم القيامة. كما جاء تفصيله في الأدلة الصحيحة. 12- رؤية المؤمنين لربهم يوم القيام في الجنة وفي المحشر، حقّ، ومن أنكرها أو أولها فهو زائغ ضال، وهي لن تقع لأحد في الدنيا. 13- كرامات الأولياء الصالحين حقّ، وليس كلّ أمر خارق للعادة كرامة، بل قد يكون استدراجا، وقد يكون من تأثير الشياطين والمبطلين، والمعيار في ذلك موافقة الكتاب والسنة، أو عدمها. 14- المؤمنون كلهم أولياء الرحمن، وكل مؤمن فيه من الولاية بقدر إيمانه. ثالثا: التوحيد الإرادي الطلبي (توحيد الألوهية) 1 - الله تعالى واحد أحد، لا شريك له في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه، وصفاته، وهو رب العالمين، المستحق وحده لجميع أنواع العبادة. 2- صرف شيء من أنواع العبادة: كالدعاء، والاستغاثة، والاستعانة، والنذر، والذبح، والتوكل، والخوف، والرجاء، والحبّ، ونحوها لغير الله تعالى شرك، أيا كان المقصود بذلك، ملكا مقرباً، أو نبياً مرسلا، أو عبداً صالحاً، أو غيرهم. 3- من أصول العبادة: أن الله تعالى يعبد بالحبّ والخوف والرجاء جميعا، وعبادته ببعضها دون بعض ضلال، قال بعض العلماء: "من عبد الله بالحبِّ وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجيء" 4- التسليم والرضا والطاعة المطلقة لله ولرسوله، صلى الله عليه وسلم، والإيمان بالله تعالى حَكَما من الإيمان به ربا وإلها، فلا شريك له في حكمه وأمره. وتشريع ما لم يأذن به الله، والتحاكم إلى الطاغوت، واتباع غير شريعة محمد، صلى الله عليه وسلم، وتبديل شيء منها كفر، ومن زعم أن أحدا يسعه الخروج عنها فقد كفر. 5- الحكم بغير ما أنزل الله كفر أكبر؛ وقد يكون كفراً دون كفر فالأول: التزام شرع غير شرع الله، أو تجويز الحكم به. والثاني: العدول عن شرع الله، في واقعة معينة لهوى مع الالتزام بشرع الله. 6- تقسيم الدين إلى حقيقة يتميز بها الخاصة وشريعة تلزم العامة دون الخاصة، وفصل السياسة أو غيرها عن الدين باطل، بل كل ما خالف الشريعة من حقيقة أو سياسة أو غيرها، فهو إما كفر، وإما ضلال، بحسب درجته. 7- لا يعلم الغيب إلا الله وحده، واعتقاد أن أحدا غير الله يعلم الغيب كفر، مع الإيمان بأن الله يطلع بعض رسله على شيء من الغيب. 8- اعتقاد صدق المنجمين والكهان كفر، وإتيانهم والذهاب إليهم كبيرة. 9- الوسيلة المأمور بها في القرآن هي ما يقرب إلى الله من الطاعات المشروعة، والتوسل ثلاثة أنواع: أ - مشروع: وهو التوسل إلى الله تعالى، بأسمائه وصفاته، أو بعمل صالح من المتوسل، أو بدعاء الحي الصالح. ب - بدعي: وهو التوسل إلى الله تعالى بما لم يرد في الشرع، كالتوسل بذوات الأنبياء، والصالحين، أو جاههم، أو حقهم، أو حرمتهم، ونحو ذلك. ج - شركي: وهو اتخاذ الأموات وسائط في العبادة، ودعاؤهم وطلب الحوائج منهم والاستعانة بهم ونحو ذلك. 10- البركة من الله تعالى، يختص بعض خلقه بما يشاء منها، فلا تثبت في شيء إلا بدليل. وهي تعني كثرة الخير وزيادته، أو ثبوته ولزومه. وهي في الزمان: كليلة القدر. وفي المكان: كالمساجد الثلاثة. وفي الأشياء: كماء زمزم. وفي الأعمال: فكل عمل صالح مباُرك. وفي الأشخاص: كذوات الأنبياء، ولا يجوز التبرك بالأشخاص، لا بذواتهم ولا آثارهم، إلا بذات النبي، صلى الله عليه وسلم، وما انفصل من بدنه من ريق وعرق وشعر، إذ لم يرد الدليل إلا بها، وقد انقطع بذلك بموته، صلى الله عليه وسلم، وذهاب ما ذكر. 11- التبرك من الأمور التوقيفية، فلا يجوز التبرك إلا بما ورد به الدليل 12- أفعال الناس عند القبور وزيارتها ثلاثة أنواع: الأول: مشروع: وهو زيارة القبور؛ لتذكّر الآخرة؛ وللسلام على أهلها، والدعاء لهم. الثاني: بدعي ينُافي كمال التوحيد، وهو وسيلة من وسائل الشرك، وهو قصد عبادة الله تعالى والتقرب إليه عند القبور، أو قصد التبرك بها (بمعنى طلب البركة بها لا منها)، أو إهداء الثواب عندها، والبناء عليها، وتجصيصها وإسراجها، واتخاذها مساجد، وشدّ الرحال إليها، ونحو ذلك مما ثبت النهي عنه، أو مما لا أصل له في الشرع. الثالث: شركيّ ينافي التوحيد، وهو صرف شيء من أنواع العبادة لصاحب القبر: كدعائه من دون الله، والاستعانة، والاستغاثة به، والطواف، والذبح، والنذر له، ونحو ذلك. 13- الوسائل لها حكم المقاصد، وكل ذريعة إلى الشرك في عبادة الله أو الابتداع في الدين يجب سدها، فإن كل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة. رابعاً: الإيمان 1- الإيمان لغة: التصديق. وفي الشرع: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فهو: قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح. فقول القلب: اعتقاده وتصديقه، وقول اللسان: إقراره. وعمل القلب: تسليمه وإخلاصه، وإذعانه، وحبه وإرادته للأعمال الصالحة. وعمل الجوارح: فعل المأمورات، وترك المنهيات. 2- من أخرج العمل عن الإيمان فهو مجرئ؛ ومن أدخل فيه ما ليس منه فهو مبتدع. 3- من لم يقر بالشهادتين لا يثبت له اسم الإيمان ولا حكمه، لا في الدنيا، ولا في الآخرة. 4- الإسلام والإيمان اسمان شرعيان بينهما عموم وخصوص من وجه، فكل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمن،ويسمى أهل القبلة مسلمين. 5- مرتكب الكبيرة التي دون الكفر والشرك لا يخرج من الإيمان، فهو في الدنيا مؤمن ناقص الإيمان، وفي الآخرة تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، والموحدون كلهم مصيرهم إلى الجنة وإن عذّب منهم بالنار من عذب، ولا يخلد أحد منهم فيها قط. 6- لا يجوز القطع لمعين من أهل القبلة بالجنة أو النار إلا من ثبت النص في حقه. 7- الكفر الوارد ذكره في الألفاظ الشرعية قسمان: أكبر مخرج من الملة، وأصغر غير مخرج من الملة ويسمى أحياناً بالكفر العملي. 8- التكفير من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة، فلا يجوز تكفير مسلم بقول أو فعل، ما لم يدل دليل شرعي على ذلك، ولا يلزم من إطلاق حكم الكفر على قول أو فعل ثبوت موجبه في حق المعين إلا إذا تحققت الشروط وانتفت الموانع، والتكفير من أخطر الأحكام فيجب التثبت والحذر من تكفير المسلم. خامساً: القرآن والكلام 1- القرآن كلام الله(حروفه ومعانيه)، منُزل غير مخلوق؛ منه بدأ؛ وإليه يعود، وهو معجز دال على صدق من جاء به، صلى الله عليه وسلم، محفوظ إلى يوم القيامة. 2- الله تعالى يتكلم بما شاء، متى شاء، كيف شاء، وكلامه تعالى حقيقة، بحرف وصوت، والكيفية لا نعلمها، ولا نخوض فيها. 3- القول بأن كلام الله معنى نفسي، أو أن القرآن حكاية، أو عبارة، أو مجاز أو فيض، ما أشبهها ضلال وزيغ، وقد يكون كفراً، والقول بأن القرآن مخلوق كفر. 4- من أنكر شيئا من القرآن أو ادعى فيه النقص أو الزيادة أو التحريف، فهو كافر. 5- القرآن يجب أن يفسر بما هو معلوم من منهج السلف ولا يجوز التفسير بالرأي المجرّد، فإنه من القول على الله بغير علم. وتأويله بتأويلات الباطنية وأمثالها كفر. سادساً: القدر 1- من أركان الإيمان، الإيمان بالقدر خيره وشره، من الله تعالى، ويشمل: الإيمان بكل نصوص القدر ومراتبه؛ (العلم، الكتابة، المشيئة، الخلق) وأنه تعالى لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه. 2- الإرادة والأمر الواردان في الكتاب والسنة، نوعان: أ - إرادة كونية قدرية( بمعنى المشيئة)، وأمر كوني قدري. ب - إرادة شرعية(لازمها المحبة)، وأمر شرعي. وللمخلوق إرادة ومشيئة، ولكنها تابعة لإرادة الخالق ومشيئته. 3- هداية العباد وإضلالهم بيد الله، فمنهم من هداه الله فضلاً، ومنهم من حقت عليه الضلالة عدلاً. 4- العباد وأفعالهم من مخلوقات الله تعالى، الذي لا خالق سواه، فالله خالق لأفعال العباد، وهم فاعلون لها على الحقيقة. 5- إثبات الحكمة في أفعال الله تعالى، وإثبات تأثير الأسباب إذا شاء الله ذلك. 6- الآجال مكتوبة، والأرزاق مقسومة، والسعادة والشقاوة مكتوبتان على الناس قبل خلقهم. 7- الاحتجاج بالقدر يكون على المصائب والآلام، ولا يجوز الاحتجاج به على المعايب والآثام، بل تجب التوبة منها، ويلام فاعلها. 8- الانقطاع إلى الأسباب شرك في التوحيد. والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع، ونفي تأثير الأسباب مخالف للشرع والعقل، والتوكل لا ينافي الأخذ بالأسباب. سابعاً: الجماعة والإمامة 1- الجماعة- في هذا الباب- هم أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، والتابعون لهم بإحسان، المتمسكون بآثارهم إلى يوم القيامة، وهم الفرقة الناجية. وكل من التزم بمنهجهم فهو من الجماعة، وإن أخطأ في بعض الجزئيات. 2- لا يجوز التفرق في الدين، ولا الفتنة بين المسلمين، ويجب رد ما اختلف به المسلمون إلى كتاب الله، وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه السلف الصالح. 3- من خرج عن الجماعة وجب نصحه، ودعوته، ومجادلته بالتي هي أحسن، وإقامة الحجة عليه، فإن تاب وإلا عوقب بما يستحق شرعاً. 4- إنما يجب حمل الناس على الجمل الثابتة بالكتاب، والسنة، والإجماع، ولا يجوز امتحان عامة المسلمين بالأمور الدقيقة، والمعاني العميقة. 5- الأصل في جميع المسلمين سلامة القصد والمعتقد، حتى يظهر خلاف ذلك، والأصل حمل كلامهم على المحمل الحسن، ومن ظهر عناده وسوء قصده فلا يجوز تكلف التأويلات له. 6- فرق أهل القبلة الخارجة عن السنة متوعدون بالهلاك والنار، وحكمهم حكم عامة أهل الوعيد، إلا من كان منهم كافراً في الباطن، أو كان خلافه في أصول العقيدة التي أجمع عليها السلف والفرق الخارجة عن الإسلام كفار في الجملة، وحكمهم حكم المرتدين. 7- الجمعة والجماعة من أعظم شعائر الإسلام الظاهرة، والصلاة خلف مستور الحال من المسلمين صحيحة، وتركها بدعوى جهالة حاله بدعة. 8- لا تجوز الصلاة خلف من يظهر البدعة أو الفجور من المسلمين مع إمكانها خلف غيره، وإن وقعت صحت، ويأثم فاعلها إلا إذ قصد دفع مفسدة أعظم، فإن لم يوجد إلا مثله، أو شرّ منه جازت خلفه، ولا يجوز تركها، ومن حكم بكفره فلا تصح الصلاة خلفه. 9- الإمامة الكبرى تثبت بإجماع الأمة، أو بيعة ذوي الحل والعقد منهم، ومن تغلب حتى اجتمعت عليه الكلمة وجبت طاعته بالمعروف، ومناصحته، وحرم الخروج عليه إلا إذا ظهر منه كفر بواح فيه من الله برهان. 10- الصلاة والحج والجهاد واجبة مع أئمة المسلمين وإن جاروا. 11- يحرم القتال بين المسلمين على الدنيا، أو الحمية الجاهلية؛ وهو من أكبر الكبائر؛ وإنما يجوز قتال أهل البدعة والبغي، وأشباهم إذا لم يمكن دفعهم بأقل من ذلك، وقد يجب بحسب المصلحة والحال. 12- الصحابة الكرام كلهم عدول، وهم أفضل هذه الأمة، والشهادة لهم بالإيمان والفضل أصل قطعي معلوم من الدين بالضرورة، ومحبتهم دين وإيمان، وبغضهم كفر ونفاق، مع الكف عما شجر بينهم، وترك الخوض فيه بما يقدح في قدرهم. وأفضلهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، وهم الخلفاء الراشدون، وتثبت خلافة كل منهم حسب ترتيبهم. 13- ومن الدين محبة آل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته، وتوليهم، وتعظيم قدر أزواجه أمهات المؤمنين، ومعرفة فضلهن، ومحبة أئمة السلف، وعلماء السنة والتابعين لهم بإحسان، ومجانبة أهل البدع والأهواء. 14- الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام، وهو ماض إلى قيام الساعة. 15- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة من أعظم شعائر الإسلام، وأسباب حفظ جماعته، وهما يجبان بحسب الطاعة، والمصلحة معتبرة في ذلك. أهم خصائص أهل السنة والجماعة وسماتهم: أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة، وهم على تفاوتهم فيما بينهم، لهم خصائص وسمات تميزهم عن غيرهم منها: 1- الاهتمام بكتاب الله: حفظاً وتلاوة، وتفسيراً، والاهتمام بالحديث: معرفة وفهماً وتميزاً لصحيحه من سقيمه، (لأنهما مصدر التلقي)، مع اتباع العلم بالعمل. 2- الدخول في الدين كله، والإيمان بالكتاب كله، فيؤمنون بنصوص الوعد، ونصوص الوعيد، وبنصوص الإثبات للصفات، ونصوص التنزيه، ويجمعون بين الإيمان بقدر الله، وإثبات إرادة العبد، ومشيئته، وفعله، كما يجمعون بين العلم والعبادة، وبين القوة والرحمة، وبين العمل بالأسباب والزهد. 3- الاتباع، وترك الابتداع، والاجتماع ونبذ الفرقة والاختلاف في الدين. 4- الاقتداء، والاهتداء بأئمة الهدى العدول، المقتدى بهم في العلم والعمل والدعوة-الصحابة ومن سار على نهجهم- ومجانبة من خالف سبيلهم. 5- التوسط: فهم في الاعتقاد، وسط بين فرق الغلو وفرق التفريط، وهم في الأعمال والسلوك وسط بين المفرطين والمفرّطين. 6- الحرص على جمع كلمة المسلمين على الحق، وتوحيد صفوفهم على التوحيد والاتباع، وإبعاد كل أسباب النزاع والخلاف بينهم. ومن هنا لا يتميزون على الأمة في أصول الدين باسم سوى السنة والجماعة، ولا يوالون، ولا يعادون، على رابطة سوى الإسلام والسنة. 7- الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد، وإحياء السنة، والعمل لتجديد الدين؛ بإحياء السنن، ونفي البدع والمحدثات، وإقامة شرع الله وحكمه في كل صغيرة وكبيرة. 8- الإنصاف والعدل: فهم يراعون حق الله تعالى، لا حق النفس أو الطائفة، ولهذا لا يغلون في مُوالٍ، ولا يجورون على معاد، ولا يغمطون ذا فضل فضله أيا كان. 9- التوافق في الأفهام، والتشابه في المواقف، رغم تباعد الأقطار والأعصار، وهذا من ثمرات وحدة المصدر والتلقي 10- الإحسان والرحمة وحسن الخُلق مع الناس كافة. 11- النصيحة لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم. 12- الاهتمام بأمور المسلمين ونصرتهم، وأداء حقوقهم، وكفّ الأذى عنهم. انتهى بحمد الله.