الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

جاء في كتب اللغة أن المعروف : ما يستحسن من الافعال ، وكلّ ماتعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه (1). والمنكر : كل ما قبّحه الشرع وحرّمه وكرّهه (2). وقيل عن المعروف : هو اسم لكلِّ فعل يُعْرَف بالعقل أو الشرع حسنه . والمنكر : ما ينكر بهما (3) ، أي كل فعل تحكم العقول الصحيحة بقبحه أو تتوقف في استقباحه واستحسانه ، فتحكم بقبحه الشريعة (4). وجاء في مجمع البيان أنّ المعروف : الطاعة ، والمنكر : المعصية .

فهرس

[تحرير] موارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

لا يختص الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمورد من الموارد ، ولا مجال من المجالات ، بل هو شامل لجميع ما جاء به الاِسلام من مفاهيم وقيم ، فهو شامل للتصورات والمبادئ التي تقوم على أساسها العقيدة الاِسلامية ، وشامل للموازين والقيم الاِسلامية التي تحكم العلاقات الانسانية ، وشامل للشرائع والقوانين ، وللاوضاع والتقاليد ، وبعبارة اُخرى هو دعوة إلى الاِسلام عقيدة ومنهجاً وسلوكاً ؛ بتحويل الشعور الباطني بالعقيدة إلى حركة سلوكية واقعية ، وتحويل هذه الحركة إلى عادة ثابتة متفاعلة ومتصلة مع الاوامر والارشادات الاِسلامية ، ومنكمشة ومنفصلة عن مقتضيات النواهي الاِسلامية . وقد بيّن الاِمام الحسين () موارد الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائلاً : « ... بدأ الله بالاَمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر فريضة منه ، لعلمه بأنّها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلّها هينها وصعبها ؛ وذلك أن الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الاِسلام ، مع ردّ المظالم ومخالفة الظالم ، وقسمة الفيء و الغنائم ، وأخذ الصدقات من مواضعها ، ووضعها في حقها...» وقد تجلّت هذه الشمولية بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمعاذ بن جبل حينما ولاّه على أحد البلدان : « يا معاذ علمهم كتاب الله وأحسن أدبهم على الاخلاق الصالحة ، وانزل الناس منازلهم ـ خيّرهم وشرهم ـ وانفذ فيهم أمر الله... وأمت أمر الجاهلية إلاّ ما سنّه الاِسلام ، واظهر أمر الاِسلام كلّه ، صغيره وكبيره ، وليكن أكثر همّك الصلاة فإنّها رأس الاِسلام بعد الاقرار بالدين ، وذكّر الناس بالله واليوم الآخر واتبع الموعظة » (1). والاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر يستتبع جميع مقوّمات الشخصية الانسانية في الفكر و العاطفة و السلوك ، لتكون منسجمة مع المنهج الالهي في الحياة ، وتكون هذه المقومات متطابقة مع بعضها ، فلا ازدواجية بين الفكر والعاطفة ولا بينهما وبين السلوك ، وهي وحدة واحدة يكون فيها الولاء والممارسة العملية لله وحده ولمنهج التوحيد الذي دعا إليه في جميع مفاهيمه وقيمه .

[تحرير] حكم الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر

إنّ الاِسلام ليس مجرد تفكير وتدبّر وخشوع يتحرك في داخل العقول والقلوب ، وإنّما هو منهج حياة واقعي ، يدعو إلى استنهاض الهمم والعزائم وتقوية الارادة ؛ لتنطلق في الواقع مجسدة للمفاهيم والقيم الالهية بصورة عملية ، وهو يدعو إلى النهوض بالتكاليف الالهية في عالم الضمير وعالم الواقع على حدٍّ سواء ، والاستقامة على ضوئها .

[تحرير] أدلة الوجوب

[تحرير] القرآن الكريم

اعتمد أغلب الفقهاء على الآيات القرآنية في اثبات الوجوب دون ذكر تفاصيل الاستدلال، اقراراً منهم بوضوح دلالتها حتّى قيل : (إنّ وجوب الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرورة دينية عند المسلمين يستدلُّ بها ، ولا يستدل عليها). وفيما يلي نستعرض الآيات القرآنية الواقعة في مقام الاستدلال على الوجوب . الآية الاُولى : ( وَلتكُن مِنكُم أُمّة يَدعُونَ إلى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَنِ المنكَرِ وأُولئك هُمُ المفلحِونَ ) (3). المخاطب بهذه الآية القرآنية هم المؤمنين كافة ، فهم مكلفون بأن (ينتخبوا منهم أُمّة تقوم بهذه الفريضة ، وذلك بأن يكون لكلِّ فرد منهم ارادة وعمل في ايجادها) (4). وهي واضحة الدلالة على الوجوب ، فإنّ قول القرآن : ( ولتكن ) أمر ، وظاهر الاَمر الايجاب هذا من جهة ، ومن جهة اُخرى حصرت الآية الفلاح بهذا العمل

[تحرير] الروايات الشريفة

الروايات الدالة على وجوب الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر مستفيضة ومتواترة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) ، وقد أكدت السيرة على ذلك ، حتى أصبح سكوت المعصوم () عن عمل معينٍ دليلاً على جوازه ، فلو كان محرّماً لنهى عنه ، وكانت سيرة المعصومين (عليهم السلام) تجسيداً للاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله ، بتصحيح اعتقاد الناس وتربية نفوسهم وتهذيب سلوكهم . عن حذيفة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال : « الاِسلام ثمانية أسهم : الاِسلام سهم ، والصلاة سهم ، و الزكاة سهم ، و الصوم سهم ، و حج البيت سهم ، والاَمر بالمعروف سهم ، والنهي عن المنكر سهم ، و الجهاد في سبيل الله سهم ، وقد خاب من لا سهم له » (3). فقد عدّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جملة الواجبات وجعل الخيبة والخسران نتيجة لمن لا سهم له .


[تحرير] المراجع

1) مجمع البيان في تفسير القرآن \ الطبرسي 1 : 483. --- 2) تحف العقول \ ابن شعبة الحرّاني : 168. --- 3) لسان العرب / ابن منظور 9 : 239.--- 4) لسان العرب 5 : 233--- 5) مفردات ألفاظ القرآن / الراغب الاصفهاني : 331--- 6) مفردات ألفاظ القرآن : 505. --- 7) تحف العقول : 19.

لغات أخرى