نقاش:فرسان مالطة
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
مهما كانت احاسيسي منهكة كليلة ومتعبة حتى ولوكانت في استراحة الظهيرة قد حظيت بنوم عميق هادىء ومطلوب فإن للاستاذ محمد حسنين هيكل قدرة متميزة استثنائية على استحضار الانتباه باللون الأخضر ... وهو الدرجة القصوى للتحفز عند بعض الدول . كما أنه يمتلك موهبة متفردة ونادرة في فن تسويق الافكار بحيث تكون شديدة الاثارة وخارج مناخات التقليد. وتستعصي على التجزئة والتوقف كما في كل كتبه ومقالاته ... فضلاً عن ذلك فإنك تحس وانت تستمع إلى حديث هذا الرجل أنه بحر مترامي الأطراف يظل النظر حسيراً عن اللحاق بمداه وافقه ... مخزون هائل من المعلومات التي تشبه الشموع عندما تضيء في مناخات الظلام فتظهر الأمور على حقائقها عارية من كل تدليس وزيف . وذلك بجلاء واضح متجاوزة كل التفاسير والتحاليل , التي لاتتقاطع مع الاحداث لظلال متعمد في آلية التعاطي معها وهو بالتالي يقطع جميع الطرق على الذين يسلكون الالتواء في تناولهم لمسار الاحداث كان في الحلقة الاخيرة يتحدث عن قضايا متعددة حائرة الاجابات تحتاج إلى من يكشف سر غطائها فتظهر كما هي .. ومن جملة القضايا , عنوان الحلقة .. أو فرسان مالطة ... وباختصار شديد ... من هم هؤلاء ... انهم تاريخياً بقايا فلول الغزو الصليبي عندما انحسر عن عالمنا العربي بعد حروب طاحنة كانت السياسة هي الغطاء والواجهة ولكن التعصب الأعمى الأصم الحاقد كان المحرك والدافع وتلك حقيقة تنزهت عن النقاش ... هؤلاء تجمعوا في منطقتين هما مالطة ورودس واخذوا النسبة من مالطة فكانوا فرسان مالطة ... هم يستمدون أفكارهم من القادة الجدد في امريكا ويعيشون ضمن مناخ اعتقادي يعتمد القتل دون رحمة , وليس مبدأ ميكافيلي الغاية تبرر الواسطة ... بعيد عن مكونات التفكير الذي يدير هذا الحراك الغريب ... مايفاجىء المرء تلك المساحة الهائلة التي يحتلونها في العراق إذ تعاظم عددهم باضطراد مقصود حتى بلغ مستوىً قياسياً فاصبحوا يدانون العدد الامريكي تقريباً فاق تعدادهم المئة وعشرين الفاً هم مرتزقة مأجورين يقبضون اموالاً متكاثرة عن افعال كرهت الحب وغاصت في حنايا الشرور , قساة القلوب دون رحمة , لاوطن لهم سوى القتل والجريمة ولاحرمة عندهم لمكان أو ستر لعائلة أو غفران لذنب مدرسة من الاجرام تملصت من الانظمة والقوانين كما تملصت عقيدتها من الرحمة والمودة والمسرّة . وإذ اكد الاستاذ هيكل أنهم اصحاب شركات أمنية تملك كل وسائل القتال المتطورة بأجور تدخل عالم الخيال إذا لم يخبرنا التاريخ عن أجر يداني اجورهم . ثلاثة آلاف دولار لليوم الواحد لكل فرد منهم في معركة الفلوجة وهم حلقات وخلايا وشركات متشابكة تغطي التراب العراقي , وتشكل حالة نزف دائمة للاقتصاد . والعراق اليوم أشبه برجل قطعت شرايينه وهو ينزف ومن الناحية العلمية يستبيحون العراق أرضاً وشعباً وتلك مفارقة اسمعها لأول مرة . من منا كان يعرف أن جوف العراق يحوي تلك الدمل السرطانية التي تستعصي على العلاج ... العراق اليوم , أصبح غابة من الوحوش الضارية تتحرك بحرية دون رقيب أو حسيب ... القوي يأكل فيها الضعيف , وهولاء يؤججون نار الفتنة وكلما تعاظمت كلما زادت الحاجة إلى وكالتهم الحصرية وشركاتهم الأمنية .. وقانون الغابة هو السائد اليوم وصراع البقاء هو شعار الحياة وجمالية الحديث هذا المدخل الرائع للحديث تماماً كورود غطت مدخل منزل ريفي جميل , إذ يقول: عندما يغيب الفكر عن الساحة تظهر اشياء آخر لتعبئ المكان , فكان المال بكل إغراءاته وطرقه الملتوية التي أقل مايقال فيها أنها هجرت القيم ... العراق اليوم مسرح احداثه يصح لأن يكون مكاناً لتصوير فيلم لمصاصي الدماء ... هذا الخير الغامر في ارض الرافدين الذهب الاسود الذي يسيل تحت هجير رمال الصحراء يسيل دماً في بطاحه بفعل عوامل تعددت عناوينها لكن الهدف واحد ... سوء المال في البنيان المفكك ينتج الضياع والتشتت والتقوقع والتخذرق وكل اشكال التخلف . وقديماً قيل « درهم من المال يحتاج إلى قنطار من العقل » فكيف الأمر إذا كان الحال قنطار من المال مع درهم من العقل يسير دفة أكبر دولة على الأرض
